أسلمة الفساد

Admin عدد المساهمات : 2778 تاريخ التسجيل : 16/06/2011

أسلمة الفساد

ماذا يتوجب عليك إن سلكت مسلكاً غير صحيح؟ ماذا لو كان سلوكك مخالف لتعليمات هذا الدين الحنيف؟ ماذا لو كنت من المفسدين؟
عندما يخطئ المؤمن أو يسلك مسلكاً يصب في بوتقة الفساد فليس عليه الا التراجع والندم على ما اقترفت يداه، فقد جاء الإسلام حربا على الفساد والمفسدين، وكانت طرائقه المختلفة والمتعاضدة سببا رئيساً من أسباب تقلص هذا الداء، وبالتالي دفع عجلة التقدم والتحضر للأمة الإسلامية؛ ذلك أن هذا الداء العضال من أهم موانع التحضر والتقدم، فتقدم أي أمة من الأمم منوط بموقفها من الفساد، والمطالع لنصوص الوحي (القرآن الكريم، والسنة النبوية) يجد مصداق ذلك.

ومما كسبت أيدي الناس في هذه الأيام إلباس طائفة منهم إفسادهم ثوب الإسلام، وهذا الطيف من الفساد قديم حديث، ويمكن تلخيص منهجهم: بأنهم يخرجون نصوص الوحي من سياقاتها لتبرير إفسادهم. ويعتقد ممارسو هذه الحرفة أن ذلك يحقق لهم كل أو بعض التالي:
أولا: أنه يضمن لهم الحماية، ويطيل في فترات فسادهم، وإفسادهم.
ثانياً: يعفيهم من عناء الندم والشعور بالذنب، أو الشعور بالتقصير.
ثالثاً: أنه يخرس المعترضين عليهم؛ وذلك بإلقامهم الحجر تلو الحجر.

إن أسلمة الفساد، تتضمن أيضاً زج المخالف في دائرة الاعتراض على الدين، وذلك أن المفسد يعمد إلى إلباس الفساد سربال الإسلام، ويعني هذا: أن المفسد يبحث عن نصوص شرعية يستطيع بكسر عنقها الاستشهاد بها لفساده، وبذلك يصبح المفسد من أتقى التقاة وكل من يعترض عليه فهو يعترض على هذا الدين الحنيف.

أما عن الطائفة التي تمارس هذا السلوك فهي شريحة من المجتمع وهم ثلة ممن يعتقدون أنهم متدينون، وذلك أن معرفة بعضهم بالنصوص ينقلب أحيانا لخدمة هذا الغرض.

هذه الطائفة إذا ما ووجهو بأخطائهم أو مخالفاتهم وبدل ان يـــُقروا بتقصيرهم أو بأخطائهم فإنهم يعمدون إلى أسلمتها، وذلك بتعليلات ذاتية يشم منها رائحة خدمة الاسلام والمسلمين والغيرة على المصلحة العامة، وإذا ما نوقشوا أطلقوا من العبارات الرنان والطنان، حتى إن غير العارف به يقول: الحمد لله الذي يسر للمسلمين هذا.

لقد غدا هذا النهج مستشرياً ولا غرابة، فإن لأصحابه سلف في ذلك فهم ينتمون إلى مدرسة فكرية تاريخية قديمة وهي: مدرسة أصحاب السبت الذين التووا على النصوص الشرعية فكان لهم ماكان، ولقد كان لأصحاب هذه المدرسة إرثاً تاريخيا يضرب في أعماق التاريخ الإسلامي، فهذا هو قاتل ذو النورين سيدنا عثمان يقول فيما يروى عنه: "طعنت عثمان ست طعنات لما كان في صدري عليه، وثلاث طعنات لله تعالى"؟؟

د. محمد عيسى الشريفين

» أسلمة العلوم......"الجهاز العظمي"