فأجاب فضيلته بقوله:
نعم عليك زكاة الفطر؛ لأنك أديتها قبل وقتها فزكاة الفطر من باب إضافة
الشيء إلى سببه، وإن شئت فقل: من باب إضافة الشيء إلى وقته، وكلاهما له
وجه في اللغة العربية، قال الله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ
أَندَاداً وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الَعَذَابَ
وَجَعَلْنَا الأَْغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ
يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } هنا من باب إضافة الشيء
إلى وقته، وقال أهل العلم: باب سجود السهو، من باب إضافة الشيء إلى سببه،
فهنا زكاة الفطر أضيفت إلى الفطر لأن الفطر سببها؛ ولأن الفطر وقتها، ومن
المعلوم أن الفطر من رمضان لا يكون إلا في آخر يوم من رمضان، فلا يجوز دفع
زكاة الفطر إلا إذا غابت الشمس من آخر يوم من رمضان، إلا أنه رخص أن تدفع
قبل الفطر بيوم أو يومين رخصة فقط، وإلا فالوقت حقيقة إنما يكون بعد غروب
الشمس من آخر يوم من رمضان؛ لأنه الوقت الذي يتحقق به الفطر من رمضان،
ولهذا نقول: الأفضل أن تؤدى صباح العيد إذا أمكن.
فأجاب فضيلته بقوله:
إذا كان هذا الفقيه آميناً يعطيها الفقراء فلا بأس بأن يدفع الناس زكاتهم
إليه، ولكن يكون الدفع قبل العيد بيوم أو بيومين ويقوم الفقيه بتسليمها في
يوم العيد.
فأجاب فضيلته بقوله:
يجوز دفعها قبل عيد الفطر بيوم أو يومين، والأفضل أن يكون في يوم العيد قبل
الصلاة، ولا يجوز تأخير دفعها عن صلاة العيد، لقول ابن عمر ـ رضي الله
عنهما ـ: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل
خروج الناس إلى الصلاة". وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة،
ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"
فأجاب فضيلته بقوله: لا
أرى هذا، ولا أرى أن يخرج بزكاة الفطر عن البلد الذي هي فيه؛ لأن أهل البلد
أحق، قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ـ رضي الله عنه ـ حين بعثه إلى
اليمن: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تُؤخذ من أغنيائهم
فترد في فقرائهم".
فأجاب فضيلته بقوله:
يجوز ذلك، أي يجوز أن يقول من عنده زكاة فطر للفقير: وكل من يقبض الزكاة
عنك وقت دفعها، وإذا جاء وقت الدفع بيوم أو يومين سلمت الزكاة للوكيل الذي
وكله الفقير في قبضها.
فأجاب فضيلته بقوله:
زكاة الفطر هي الطعام الذي يخرجه الإنسان في آخر رمضان، ومقداره صاع، قال
ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير". وقال ابن عباس ـ رضي الله
عنهما ـ: "فرض النبي عليه الصلاة والسلام صدقة الفطر طهرة للصائم من
اللغو والرفث، وطعمة للمساكين". فهي من الطعام السائد بين الناس، وهو
الآن التمر والبر والأرز، وإذا كنا في مكان يطعم الناس فيه الذرة تخرجها
ذرة، أو زبيباً، أو أقط. قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: "كنا
نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا
التمر، والشعير، والزبيب والأقط".
وزمن إخراجها صباح العيد
قبل الصلاة: لقول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "وأمر أن تؤدى قبل
خروج الناس إلى الصلاة"، وهذا حديث مرفوع. وفي حديث ابن عباس ـ رضي
الله عنهما ـ: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعدها فهي
صدقة من الصدقات".
ويجوز أن تقدم قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز أكثر من ذلك لأنها تسمى
زكاة الفطر، فتضاف إلى الفطر، ولو قلنا بجواز إخراجها بدخول الشهر كان
اسمها زكاة الصيام، فهي محددة بيوم العيد قبل الصلاة، ورخص في إخراجها قبل
العيد بيوم أو يومين.
وأما الزيادة على الصاع فإن كان على وجه التعبد واستقلالاً للصاع فهذا
بدعة، وإن كان على وجه الصدقة لا الزكاة فهذا جائز ولا بأس به ولا حرج،
والاقتصار على ما قدره الشرع أفضل، ومن أراد أن يتصدق فليكن على وجه
مستقل.
ويقول كثير من الناس: يشق علي أن أكيل ولا مكيال عندي فأخرج مقداراً
أتيقن أنه قدر الواجب أو أكثر وأحتاط بذلك فهو جائز ولا بأس به
فأجاب فضيلته بقوله:
إذا أخر دفع زكاة الفطر عن صلاة العيد فإنها لا تقبل منه، لأنها عبادة
مؤقتة بزمن معين، فإذا أخرها عنه لغير عذر لم تقبل منه، لحديث ابن عمر ـ
رضي الله عنهما ـ "وأمر ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ أن تؤدى قبل
خروج الناس إلى الصلاة"، وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: "من
أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من
الصدقات".
أما إذا أخرها لعذر كنسيان، أو لعدم وجود فقراء في ليلة العيد فإنه تقبل
منه، سواء أعادها إلى ماله، أو أبقاها حتى يأتي الفقير
فأجاب فضيلته بقوله:
زكاة الفطر مفروضة، قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "فرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر"، فهي مفروضة على كل واحد من المسلمين،
على الذكر والأنثى، والصغير، والكبير، والحر والعبد، وإذا قدر أنه جاء
العيد فجأة قبل أن تخرجها فإنك تخرجها يوم العيد ولو بعد الصلاة، لأن
العبادة المفروضة إذا فات وقتها لعذر فإنها تقضى متى زال ذلك العذر، لقول
النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة: "من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها
متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك"، وتلا قوله تعالى: {وَأَقِمِ
الصَّلَوةَ لِذِكْرِي }. وعلى هذا يا أخي السائل فإن عليك إخراجها
الآن.
وأما الحكمة من زكاة الفطر فإنها كما قال ذلك ابن عباس ـ رضي الله عنهما
ـ: "طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين"، ففي ذلك فائدة
للصائم إذ هي تطهره من اللغو والرفث، كما أنها طعمة للمساكين حيث تجعلهم
يشاركون الأغنياء فرحة العيد، لأن الإسلام مبني على الإخاء والمحبة، فهو
دين العدالة، يقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنتُم أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ
فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول:
"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً". والله الموفق
فأجاب فضيلته بقوله:
إذا لم يتمكن من دفع زكاة الفطر قبل الصلاة ودفعها بعد ذلك فلا حرج عليه؛
لأن هذا مدى استطاعته، وقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً
لأَِنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ } ومن أمثلة هذا ما إذا ثبت دخول شهر شوال والإنسان في
البر وليس حوله أحد فإنه في هذه الحال إذا وصل إلى البلد التي فيها الفقراء
دفعها إليهم. أما مع السعة فإنه لا يجوز للإنسان أن يؤخرها عن صلاة
العيد، فإن أخرها عن صلاة العيد فهو آثم ولا تقبل منه، لحديث ابن عباس ـ
رضي الله عنهما ـ قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي
زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".
فأجاب فضيلته بقوله:
مقدار صدقة الفطر صاع من الطعام بالصاع النبوي، الذي زنته كيلوان وأربعون
جراماً بالبر (القمح) الجيد، أو ما يوازنه كالعدس.
فأجاب فضيلته بقوله:
زكاة الفطر لا تصح من النقود، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعاً من
تمر، أو صاعاً من شعير، وقال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: "كنا
نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا
يومئذ التمر والشعير، والزبيب والأقط"، فلا يجوز إخراجها إلا مما فرضه
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن
عباس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض صدقة الفطر طهرة
للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين.
والعبادات لا يجوز تعدي
الشرع فيها بمجرد الاستحسان، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم فرضها طعمة
للمساكين، فإن الدراهم لا تطعم، فالنقود أي الدراهم تُقضى بها الحاجات؛ من
مأكول ومشروب وملبوس وغيرها.
ثم إن إخراجها من القيمة
يؤدي إلى إخفائها وعدم ظهورها، لأن الإنسان تكون الدراهم في جيبه، فإذا وجد
فقيراً أعطاها له فلم تتبين هذه الشعيرة ولم تتضح لأهل البيت، ولأن إخراجها
من الدراهم قد يخطىء الإنسان في تقدير قيمتها فيخرجها أقل فلا تبرأ ذمته
بذلك، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم فرضها من أصناف متعددة مختلفة
القيمة، ولو كانت القيمة معتبرة لفرضها من جنس واحد، أو ما يعادله قيمة من
الأجناس الأخرى. والله أعلم.
فأجاب فضيلته بقوله:
الذي نرى أنه لا يجوز أن تدفع زكاة الفطر نقوداً بأي حال من الأحوال، بل
تدفع طعاماً، والفقير إذا شاء باع هذا الطعام وانتفع بثمنه، أما المزكي
فلابد أن يدفعها من الطعام، ولا فرق بين أن يكون من الأصناف التي كانت على
عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من طعام وجد حديثاً، فالأرز في وقتنا
الحاضر قد يكون أنفع من البر؛ لأن الأرز لا يحتاج إلى تعب وعناء في طحنه
وعجنه وما أشبه ذلك، والمقصود نفع الفقراء، وقد ثبت في صحيح البخاري من
حديث أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ قال: "كنا نخرجها على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر، والشعير،
والزبيب، والأقط" فإذا أخرجها الإنسان من الطعام فينبغي أن يختار الطعام
الذي يكون أنفع للفقراء، وهذا يختلف في كل وقت بحسبه.
وأما إخراجها من النقود أو الثياب، أو الفرش، أو الآليات فإن ذلك لا يجزىء،
ولا تبرأ به الذمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس
عليه أمرنا فهو رد".
فأجاب فضيلته بقوله:
هذا لا يصح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعاً من طعام، واللحم
يوزن ولا يكال، والرسول صلى الله عليه وسلم فرض صاعاً من طعام، قال ابن عمر
ـ رضي الله عنهما ـ: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير"، وقال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه
ـ: "كنا نخرجها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان
طعامنا التمر، والشعير، والزبيب، والأقط". ولهذا كان القول الراجح من
أقوال أهل العلم أن زكاة الفطر لا تجزىء من الدراهم، ولا من الثياب، ولا من
الفرش، ولا عبرة بقول من قال من أهل العلم: إن زكاة الفطر تجزىء من
الدراهم؛ لأنه ما دام النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم موجوداً، فلا
قول لأحد بعده، ولا استحسان للعقول في إبطال الشرع، والصواب بلا شك أن زكاة
الفطر لا تجزىء إلا من الطعام، وأن أي طعام يكون قوتاً للبلد فإنه مجزىء.
فأجاب فضيلته بقوله:
الظاهر لي أنه إذا أجبر الإنسان على إخراج زكاة الفطر دراهم فليعطها إياهم
ولا يبارز بمعصية ولاة الأمور، لكن فيما بينه وبين الله يخرج ما أمر به
النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج صاعاً من طعام؛ لأن إلزامهم للناس بأن
يخرجوا من الدراهم إلزام بما لم يشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
وحينئذ يجب عليك أن تقضي ما تعتقد أنه هو الواجب عليك، فتخرجها من الطعام،
واعط ما ألزمت به من الدراهم ولا تبارز ولاة الأمور بالمعصية.
فأجاب فضيلته بقوله: لا
شك في جواز إخراج الرز في زكاة الفطر، بل ربما نقول: إنه أفضل من غيره في
عصرنا؛ لأنه غالب قوت الناس اليوم، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي
الله عنه ـ الثابت في صحيح البخاري قال: "كنا نخرج يوم الفطر في عهد
النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير، والزبيب،
والأقط، والتمر"، فتخصيص هذه الأنواع ليس مقصوداً بعينها، ولكن لأنها
كانت طعامهم ذلك الوقت.
فأجاب فضيلته بقوله: لا
يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين فقط.
فأجاب فضيلته بقوله:
نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم
يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد
من يتقبلها فإنه لا يجوز.