رسائل للمعلمين والمعلماتالخطبة الأولى:إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن
يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿
يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:بدأ عام دراسي جديد؛ بدأ أولادنا البنون
والبنات بعامٍ دراسيٍ جديد جعله الله عامًا حافلاً بالتوفيق والعلم النافع
والعمل الصالح؛ وبهذه المناسبة أوجه كلمة لمن هم عماد التربية والتعليم
المعلمين والمعلمات مذكراً لهم بأمور لا تخفى عليهم منبها من استجد من
المعلمين والمعلمات على أمور قد تلتبس على البعض منهم لقلة خبرتهم في
التربية والتعليم.
تذكروا أن التربية بالفعل أبلغ من
التربية بالقول فلن ينتفع بكم إذا كان الفعل يخالف القول فاحرصوا على أن
تكونوا قدوة في ما تأتونه وتذرونه فمثلا لن ينفع تحذيركم من الكذب إذا
كنتم تقعون فيه فلسان حالهم معكم يقول:
يأيها الرجلُ المعلمُ غيرَهُ هلا لنفسِكَ كان ذا التعليمُ؟
تصفُ الدواء لذي السقامِ وذي الضنى كيما يصحَّ به وأنتَ سقيمُ
ونراكَ تصلحُ بالرشادِ عقولَنا أبداً وأنتَ من الرشادِ عديمُ
لاتنهَ عن خلقٍ وتأتي مثلهُ عارٌ عليكَ إِذا فعْلتَ عظيمُ
وابدأ بنفسِكَ فانَهها عن غَيِّها فإِذا انتهتْ منه فأنتَ حكيمُ
فهناكَ يقبلُ ما تقولَ ويهتدى بالقول منكَ وينفعُ التعليمُ
|
الغضب له تأثير على التصرففالرغبة في التشفي تحجب كمال العقل فيصدر ما يندم عليه من قول وفعل وقد لا
يمكن استدراكه فلا تباشروا التأديب في هذه الحال وكلوه للإداريين أو أخروا
التأديب حتى يزول الغضب ويذهب ما في النفس.
الغيبة محرمة فلا تحل غيبة من تحت أيديكم
فمن الخطأ التندر بما يحصل في الفصول مما يكره ذكره وإن كان ثمة حاجة
لمعرفة واقع البعض فيتم في حدود الحاجة بعيدا عن الانتقاص والتحقير.
ليس كل التصرفات الخاطئة يقصد بها
الإساءة لاسيما ما يصدر من الصغار فلا يوقف عند كل خطأ ويحاسب عليه
فتغافلوا عن بعض التصرفات فكأنكم لم تسمعوا ولم يقولوا
ليس الغبي بسيدٍ في قومهِ لكنَّ سيدَ قومهِ المتغابي
|
بعض ما يدور في البيوت وعلاقات الأسرة من
الأسرار التي لا يرغب الناس أن يعرفها القريب فضلا عن البعيد فإياكم
واستدراج الصغار ليبوحوا لكم بذلك فمن فعل ذلك فهو متعرض للوعيد الشديد
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - "قَالَ مَنْ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ
كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ" رواه البخاري (7042) والآنك الرصاص المذاب فإن كان ثمة أمر
يحتاج معه إلى معرفة بعض الخصوصيات فالإداريون هم المسئولون عن ذلك.
حينما يبلغكم المسئولون التنفيذيون من
داخل المدرسة أو خارجها ببعض التعليمات الجديدة التي لكم عليها ملاحظات لا
تكثروا نقاشها ومجادلة المسئولين لأنهم جهة تبليغ وتنفيذ وليسوا جهة إصدار
التعليمات ومن النصح الكتابة للمسئولين ومناقشة ذلك في وسائل إعلام
التربية والتعليم.
ليكن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -
"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" رواه البخاري (13) و مسلم
(45) قاعدتكم في التعامل مع أولاد المسلمين فما لا ترضونه لأولادكم
وأحبابكم فلا ترضوه لأولاد المسلمين و ما تحرصون عليه لمن تحبون فاحرصوا
عليه لأولاد المسلمين بل ليكن ذلك قاعدة في التعامل مع كل من هو داخل
المبنى المدرسي بل حتى مع المبنى المدرسي فما لا ترضونه أن يفعل في بيوتكم
فلا تفعلوه في المبنى المدرسي.
لا تنسوا طلاقة الوجه في التعامل مع
أولاد المسلمين وعدم العبوس في وجوههم فطلاقة الوجه عبادة وقربة لقول
النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك
بِوَجْهٍ طَلْقٍ" رواه مسلم.
الابتسامة التي تدل على المحبة والتقدير لها وقع على النفوس وتربطهم بكم وتشدهم إليكم وهي صدقة وقربة وتبسمك في وجه أخيك صدقة..
فكم من صدقة ستتصدقون بها في كل حصة داخل الفصول وخارجها؟.تذكروا أن ما يتعلمه منكمأولاد المسلمين ويعملون به فلكم مثل أجورهم فهنيئا لكم قول رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه
لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا" رواه مسلم (2674).
من يعلم الناس الخير يجري عمله عليه بعد
وفاته فمثلا نحن الحضور تعلمنا الصلاة أقولا وأفعالا وأحكاما في المدارس
فيجري في كل صلاة نصليها لمن علمنا مثل أجورنا وبعض من علمنا مات من سنين
رحمهم الله وأسكنهم الفردوس الأعلى فعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - "قال إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من
صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم فهنيئا
للمعلمين والمعلمات عموما ومن يعلم في الصفوف الأولية خصوصًا.
الخطبة الثانيةلن ينتفع بكم ويقبل توجيهكم إلا إذا
أحبكم من تعلمون فمن أكبر المعضلات عند المربين الجمع بين الواجب الوظيفي
من متابعة يومية واختبارات ونتائج وبين هم التربية والتأثير الحسن في
المتعلمين فمن غلب التحصيل العلمي والواجب الوظيفي المطلوب أثر ذلك غالبا
في علاقته بالمتعلمين فتكون استجابتهم للتربية وغرس القيم ومعالجة الأخطاء
قليلة فلا بد من الموازنة ومن صدق مع ربه فتح الله عليه وقذف حبه في
القلوب فانتفعوا به.
حينما تعتنون بالتربية ولا ترون أثرا
ظاهرا لجهودكم ليس معنى هذا أن توجيهكم لم ينتفع به فله أثر ولو بعد حين
فلا يكن ذلك مثبطا في ترك بعض الأنشطة.
حببوا لهم العلم ليكن نقاشكم معهم عن ما
استجد من كتب العلم والمعرفة حفزوهم على القراءة واقتناء الكتب ومن الخطأ
إشغالهم بسفاف الأمور التي لا ينتفعون بها لا في دينهم ولا دنياهم.
ذكروهم أهمية العلم وأن طلبه عبادة وقربة
وأن الساعات التي تصرف في طلب العلوم النافعة التي تحتاجها الأمة من أعظم
الطاعات لا يكن الهدف النجاح ومن ثم الوظيفة بل يكن طلب بالعلم والعمل به
ونفع الأمة هو الهدف بعد التخرج والوظيفة تأتي تبعا وليست أصلا.
ما أحوج من هو جديد في التربية والتعليم إلى مشاورة من سبقه قبل كل تصرف وإن كان ممن يثق بنفسه ويحسن الظن بقرارته.
عقلُ الفتى ليس يُغني عن مشاورةٍ كعِفَّةِ الخُودِ لاتُغْني عن الرجلِ
|
من هو جديد قد يكونون أكثر علما ممن له
سنين في التربية والتعليم أو أعلى مرتبة علمية لكن ليس هذا كافيا فمن
سبقوكم يفوقونكم بخبرتهم فلا بد من الاستفادة من خبرتهم حتى لا تقعوا
بأخطاء وقعوا بها فمهم أن تبدوا مشواركم في التربية والتعليم من حيث انتهى
من قبلكم لا من حيث بدأوا.
أول سنة في العمل في التربية والتعليمأشد السنين وأشقها فالمسئولية الجديدة كبيرة ولم يعهدها المستجد والحاجة
إلى التحضير تأخذ وقتا كبيرا ويتعارض ذلك مع ما اعتاده المستجد في حياته
اليومية لكن بعد فترة يسهل الأمر بالتجربة ويقل الوقت المصروف في
الاستعداد للدروس.
البدايات لها أثر في النهايات فإذا كانت
البداية جادة أصبح الجد وكثرة البذل وجزالة العطاء عادتكم فلا تشعرون
بالتذمر من العمل أما إذا بدأتم بدايات فيها تقصير وبحث عن المعاذير
للتخفف من العمل استمريتم على ذلك غالباً.
إخوتي الحضور كلامي السابق الموجه لأهل التربية أكثره ينطبق على الجميع الموظف وغير الموظف.
إخوتي أولياء أمور الطلاب والطالبات
اطمئنوا على أبنائكم وبناتكم فهم في أيادى أمينة تحرص على تربيتهم تربية
إسلامية يمدونهم بالعلم ويتعاهدون سلوكهم وما يطرأ عليهم فالطلاب
والطالبات هم محور حديث كل العاملين في المدرسة و محط اهتمامهم هذا واقع
مدارس مدينتنا في الجملة ﴿
وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ﴾ [يوسف: 81] ووجود خلل في بعض المدارس وفي بعض من يعمل فيها أمر واقع لكنه خلاف الأصل فلا تجعل قضايا خاصة هي الأصل ويعمم الخطأ.
الشيخ أحمد الزومان