النص: تنقسم الجهات التي تقع على خطوط العرض ذات الدرجات العالية إلى ثلاث:
الأولي: تلك التي يستمر فيها الليل أو النهار أربعا وعشرين ساعة فأكثر بحسب اختلاف فصول السنة.
ففي هذه الحال، تقدر مواقيت الصلاة والصيام وغيرهما في تلك الجهات، على حسب
أقرب الجهات إليها، مما يكون فيها ليل ونهار متمايزان في ظرف أربع وعشرين
ساعة.
الثانية: البلاد التي لا يغيب فيها شفق الغروب حتى يطلع الفجر بحيث لا
يتميز شفق الشروق من شفق الغروب، ففي هذه الجهات يقدر وقت العشاء الآخرة
والإمساك في الصوم، ووقت صلاة الفجر، بحسب آخر فترة يتمايز فيها الشفقان.
الثالثة: تلك التي يظهر فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة، وتتمايز
فيها الأوقات إلا أن الليل يطول فيها في فترة من السنة طولاً مفرطاً ويطول
النهار في فترة أخرى طولاً مفرطاً.
ومن كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس،
إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف، ويقصر في الشتاء، وجب عليه أن يصلي
الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً، لعموم قوله تعالى: (
أَقِمِ
الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ
إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودا ً) ( الإسراء:78 ) وقوله تعالى :
(
إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) (
النساء: 103) .
ولما ثبت عن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي ? (
أن رجلاً سأله عن وقت
الصلاة ، فقال له : صل معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا،
فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء
نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب
الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره
فأبرد بالظهر فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة
آخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعد ما
ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها . ثم قال : أين السائل عن وقت الصلاة
فقال الرجل : أنا يا رسول الله . قال : وقت صلاتكم بين ما رأيتم ) رواه
مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله ? قال: (
وقت الظهر إذا زالت
الشمس، وكان ظل الرجل كطوله مالم يحضر العصر، ووقت العصر مالم تصفر الشمس،
ووقت صلاة المغرب مالم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط،
ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر مالم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك
عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان ) أخرجه مسلم في صحيحه.
إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس، قولاً
وفعلاً ولم تفرق بين طول النهار وقصره، وطول الليل وقصره، مادامت أوقات
الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله ?.
هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات
صيامهم شهر
رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب، وسائر
المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم، مادام النهار يتمايز في
بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام
والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيراً فإن شريعة الإسلام
عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال الله تعالى: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ
الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (
البقرة: من الآية187 ).
ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة، أو إخبار
طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه، أن الصوم يفضي إلى مرضه مرضاً شديداً، أو
يفضي إلى زيادة مرضه، أو بطء برئه، أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي
شهر تمكن فيه من القضاء. قال الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ
مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ( البقرة : 185) وقال الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ) ( البقرة :من الآية286 ) وقال : (
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ( الحج: من الآية78 ).
والله ولي التوفيق... وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم
|
|
المجمع الفقهي الاسلامي | مصدر الفتوى | الدورة الخامسة / القرار الثالث | الموضوع | م | 1982 | / | 2 | / | 10 | الموافق | هـ | 1402 | / | 4 | / | 16 |
| تاريخ النشر |
|