كنت متدربة بإحدى المؤسسات التعليمية, فكان من بين أطفال القسم, الطفل "أيمن" و هو شبه معاق ذهنيا...
سألت الأستاذة, عن سبب تواجده مع الأطفال العاديين, إذ من المفروض أن يتلقى التعليم بمؤسسة " ذوي الإحتياجات الخاصة"..
إبتسمت الأستاذة و بدأت تسرد القصة المؤلمة..
الطفل أيمن عمره فوق 8 سنوات و مازال يدرس في مرحلة التعليم الأولي, و السبب هو رفضه من جميع المؤسسات التعليمية, و الأب يرفض أن يدرس ابنه بمؤسسة ذوي الإحتياجات الخاصة, مما جعل والدته تتوسل لإدارة المؤسسة و لكل الأطر أن يقبلوه حتى لا يرميه والده إلى الشارع...
فالزوج وهو مسؤول كبير بالدولة, لم يتقبل أن يكون إبنه غير طبيعي, فجن جنونه يوم ولادته و كان يقول لزوجته أنها السبب في ذلك, فلربما كان أحد أقاربها معاقا و لم تخبره, أما عائلته فهي عريقة و معروفة و سليمة إإإ
كان يحبسه في الغرفة حتى لا يراه ضيوفه الأكابر, و يتجنب مرافقته و الخروج معه فيبعثه إلى المدرسة مع السائق, و يضربه ضربا مبرحا إذا لم يحسن التصرف...
جاء" أيمن" إلى المؤسسة و هو يعاني من الكآبة, لا يكلم أحدا و لا يلعب و لا يضحك, و كان يرسم مستطيلا على اللوح و يدق بيده الصغيرة ثم ينفجر باكيا...
إتصلت الأستاذة بالأم, و طلبت منها تفسيرا لما يحدث, و بعد عدة محاولات مع "أيمن", فهمت الأم أن المستطيل يرمز إلى باب الغرفة, حيث قضى طفولته و هو يدق و يصرخ, مستنجدا بأمه التي لم يكن لها حول و لا قوة...
أخبرتني الأستاذة, أنها أصرت على بقائه في قسمها لمدة ثلاث سنوات, و بدأت تتلقى تكوينا في كيفية التعامل معه...و بفضل الله أصبح "أيمن" يضحك ببراءة و يلعب و يميز الألوان
شيء واحد يفتقده "أيمن" هو حنان الأب, فقد حدث مرة أن حضر والده إلى المؤسسة لأخذه إلى البيت, فهاج الطفل الصغير و أصابته هستيريا الخوف, بينما كان يفرح كثيرا لرؤية السائق "حسن", حتى أن الكثيرين كانوا يظنون أنه والده...
لقد رفض ركوب سيارة والده الفاخرة...مدركا أنه لا يحبه و إنما سيدعي ذلك أمام الناس.