المعلم و علم النفس

و أنا طفلة بالمدرسة كنت أعاني عقدة الخجل السلبي, فلا أكاد أرفع أصبعي لأجيب على أسئلة المعلم و مشاركة التلاميذ أثناء الدرس...فطن المعلمون للأمر من أول عام دراسي فأخبروا والدي و طلبوا منه مساعدتهم على اخراجي من العزلة بالتشجيع و الاطراء و غيرها من الأساليب التربوية. لكن بلا جدوى فقد تطبعت على التقوقع و الاكتفاء بالاستماع الجيد و التصرف الحكيم الهادئ.
كان المعلمون يريدون مني أن أشارك في حفلات نهاية السنة, فكنت أحفظ الأناشيد عن ظهر قلب و أتفنن في المسرحيات و الملحمات وغيرها من العروض و لكنني لا أستطيع التحدث بصوت عال , و لا أتمكن من لعب الأدوار في حضور شخص غريب كالمدير أو الناظر أو...أو...
و لهذا يتركونني في شأني و يتأسفون لوضعي
أذكر أنهم حاولوا مرة اقناعي بتسليم الورود لأحد المسؤولين أثناء زيارته للمنطقة, فانفجرت بالبكاء
كل هذا جعلني و أنا بهذا السن أفتخر بأساتذتي و بأسلوبهم الحضاري , عدا معلم واحد , و مع حبي الشديد له , لا أستطيع نسيان ظلمه لي...كان ذلك متم شهر ماي سنة 1982 في عامي الأول بالمدرسة حيث جاءت أختي الصغيرة الى الحياة وكنا في فترة امتحانات نهاية السنة الدراسية .
اشترى المعلم مجموعة جوائز من ماله الخاص و ووضع اسمي على غلاف الجائزة الأولى, تشجيعا لنا على الاستعداد الجيد قبل يوم الامتحان.
رجعت الى البيت فوجدته مليئا بالمدعويين الى حفل العقيقة , و بعد لحظات حضر معلمي رفقة زملائه ...
لا أذكر ماذا بعد ولكنني أذكر جيدا كيف وجدت نفسي مرتبكة في قاعة الامتحان ...وبينما أنا كذلك اذا بالمعلم ينهال علي بصفعة أفقدتني الذاكرة فلا لأذكر ماذا فعل بي بعدها.
و في اليوم الموالي و بينما تقوم والدتي بتحميمي و جدت آثار الضرب على ظهري فسألتني ماذا ؟ كيف ؟؟متى ؟؟ و من فعل بك هذا ؟؟ و أنا لا أدرك عماذا تتكلم أصلا...
أخذني والدي صباحا الى المدرسة ليستفسر عن الحادث ظنا منه أنني تعرضت للاعتداء من طرف زملائي , الا أن صدمته كانت كبيرة عندما أخبره المعلم أنه انهال علي ضربا بالسوط لأنني لم أستمع للتعليمات جيدا و بدأت الكتابة على الورقة و هي مقلوبة...
أليس هذا عذرا أقبح من زلة ؟
وبخه والدي كثيرا على صنيعه فاذا به يجد لنفسه عذرا آخر ألا وهو أنني لم أستعد للامتحان جيدا و قد كان يأمل أن أحصل على الجائزة الأولى...فوبخه والدي مرة أخرى و ذكره بالظروف التي سبقت يوم الامتحان بتغير نفسيتي و فرحتي بالمولودة الجديدة و....و...
والله مع كل ذلك بقي معلمي هذا أحب المعلمين الى قلبي. و صدق من قال : كاد المعلم أن يكون رسولا

و الله لم أقصد ...ذكرت القصة لأنها أفادتني كثيرا و أنا أمارس التعليم الابتدائي أولا ثم التربية بمؤسسة التعليم الأولي ثم انني كما ذكرت كنت متعلقة بمعلمي حتى أنني بكيت كثيرا عندما تم نقله الى مدرسة أخرى و كتبت له رسالة بريئة أطلب منه البقاء.
سيدي الفاضل مهما كان المعلم عنيفا فهو محبوب دائما
جزاكم الله خيرا وجعل عملكم الشريف شفيعا لكم يوم القيامة
أنتم المتميزون و أتمنى مزيدا من التميز للمنتدى الرائع